الحديثين الأولين اللذين استخلص منهما حقيقته هذه، فنقول:
مناقشة الجزائري في دلالة الحديثين قال: إن اعتقادا كهذا - وهو عدم وجود من جمع القرآن وحفظه من المسلمين إلا الأئمة من آل البيت - اعتقاد فاسد وباطل، القصد منه عند واضعه هو تكفير المسلمين من غير آل البيت وشيعتهم، وكفى بذلك فسادا وباطلا [كذا ] وشرا.
أقول:
ليس المراد بجمع القرآن وحفظه من الحديثين هو جمع سوره وآياته في مصحف كما ظن الجزائري، بل المراد بجمعه أحد معنيين:
المعنى الأول: هو العلم بتفسيره ومعرفة ما فيه من أحكام ومعارف.
ويدل على ذلك قوله عليه السلام في الحديث الثاني: ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء.
فإنه ظاهر فيما قلناه، وإلا لو كان المراد بجمع القرآن في الحديث جمع ألفاظه في مصحف لكان أكثر هذه الأمة يدعون أن عندهم جميع القرآن كله. أما ادعاء العلم بالقرآن وفهم آياته ومعانيه الظاهرة والباطنة كما أنزلها الله سبحانه فهذا لم يقع من أحد من هذه الأمة إلا من أهل بيت النبوة عليهم السلام.
وقوله: ظاهره وباطنه يرشد إلى ذلك، فإن ظاهر القرآن وباطنه مرتبطان بمعانيه لا بألفاظه (1)، وجمع الظاهر والباطن يعني الإحاطة بمعاني آيات الكتاب العزيز كلها، أو أن الظاهر هو لفظه، والباطن معناه، فيكون المعنى أنه لا يستطيع أحد أن يدعي أن عنده علما بألفاظ القرآن