وأخرج البخاري عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذاك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته (1).
فكل من أظهر شعائر الإسلام حكم بإسلامه، وحرم إيذاؤه بنفي الإسلام عنه، كما قال سبحانه (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا) (2)، وذلك لأن الإيمان أمر خفي لا يقدر أحد على الجزم بنفيه.
وأما أن أهل السنة لا يوجد بينهم فرد واحد يبغض آل البيت فغير صحيح، لأن كثيرا من علمائهم وإن كانوا يزعمون أنهم يحبون أهل البيت عليهم السلام إلا أن ما يظهر منهم خلاف ذلك.
ويكفي في الدلالة على ذلك أن علماء أهل السنة حكموا بأن التشيع لأهل البيت منقصة قادحة في وثاقة الراوي، فيضعفون الرجل لموالاته لأهل البيت عليهم السلام، فيطرحون رواياته، وإن كان صدوقا ثبتا، وينبزونه بالرفض، ويصمونه بما لا يحسن من قبيح الصفات، فصار كل من يحبهم أو يروي فضائلهم ، أو ينقل مآثرهم، وينوه بذكرهم، أو يفضلهم على غيرهم، شيعيا مذموما ، أو رافضيا خبيثا، لا حرمة له ولا كرامة.
حتى أن الإمام الشافعي الذي هو علم من أعلام أهل السنة وإمام من أئمتهم قد رمي بالتشيع لما تجاهر بحب أهل البيت عليهم السلام، فقيل له: إن أناسا لا يصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لأهل البيت، فإذا رأوا أحدا يذكر شيئا من ذلك قالوا: تجاوزوا عن هذا، فهو رافضي. فأنشأ يقول:
إذا في مجلس نذكر عليا * وابنيه وفاطمة الزكية