الذين جمعوا ألفاظ القرآن كله دون غيرهم، وحيث إنا قد أوضحنا أن ما فهمه من معنى جمع القرآن غير صحيح، فإن اللوازم التي ذكرها لا نحتاج إلى تكلف ردها، إلا أنا سنذكرها مع ذلك لبيان فسادها في نفسها، فنقول:
قال: [يلزم من ذلك] تكذيب كل من ادعى حفظ كتاب الله وجمعه في صدره أو في مصحفه كعثمان وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وغيرهم من مئات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
والجواب:
لقد نص الحديث على كذب كل من ادعى العلم بأحكام القرآن وفهم معانيه الظاهرة والباطنة كما أرادها الله تعالى من غير أئمة أهل البيت عليهم السلام.
أما تكذيب من ادعى حفظه عن ظهر قلب أو في مصحف فغير مراد بالحديث كما أوضحنا، بل إن حفظه بهذا المعنى لا يتجه إنكاره البتة، بسبب وقوعه من كثير من الناس حتى الصبية الذين لم يبلغوا الحلم.
اللهم إلا إذا قلنا: إن من جمعه في مصحف أو حفظه لم يجمعه كما أنزل، أي مرتبا على حسب النزول، بأن جمع المنسوخ منه قبل الناسخ، والمكي قبل المدني، والسابق نزولا قبل اللاحق، فحينئذ يصح لنا أن نكذب كل من ادعى جمعه أو حفظه بهذا النحو.
ومن الواضح أن معرفة تفسير القرآن وفهم معانيه كما أرادها الله سبحانه لم تدع لأحد من علماء الصحابة وغيرهم إلا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقد أخرج أبو نعيم الأصفهاني وابن عساكر وغيرهما عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا له