الله إلا مقيدا. قال سبحانه (من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) (1)، وقال (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) (2)، وقال (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم) (3)، وقال (ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) (4).
والحاصل أن الحديث الذي احتج به الجزائري لم يقيد فيه الارتداد بأنه عن الدين أو على الأدبار والأعقاب.
وعليه، فمعنى الحديث هو أن الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجعوا عما التزموا به في حياته صلى الله عليه وآله وسلم من مبايعة علي عليه السلام بإمرة المؤمنين، فبايعوا غيره.
وبهذا المعنى للارتداد فسر ابن الأثير هذه اللفظة التي وردت في أحاديث الحوض التي سيأتي ذكرها، حيث قال:
وفي حديث القيامة والحوض: فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم القهقرى: أي متخلفين عن بعض الواجبات. ولم يرد ردة الكفر، ولهذا قيده بأعقابهم، لأنه لم يرتد أحد من الصحابة بعده، وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب (5).
فإذا صح ذلك يلتئم الحديثان، ويتطابق معناهما، ويكون المراد بارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أنهم رجعوا عن أهم الواجبات