وإذا كان هذا الحديث الضعيف المروي في كتاب الكافي الدال على أن أهل البيت عليهم السلام جمعوا القرآن بالمعنى الذي بيناه، يستلزم تكذيب قول الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، فما بالك بالأحاديث الكثيرة التي رواها أهل السنة وصححوها، التي تدل على سقوط كلمات بل آيات بل سور من القرآن الكريم؟!
ألا يدل ذلك على تكذيب الله عز وجل في حفظ كتابه العزيز، ولا سيما أن أهل السنة لا يرون أن أحدا من هذه الأمة عنده قرآن غير هذا القرآن الذي هو في أيدي الناس.
وإذا أردت قارئي العزيز أن تطلع على بعض تلك الأحاديث فإنا نسوق لك شيئا منها، ونقسم ما نورده لك إلى طوائف:
الطائفة الأولى: تدل على ذهاب سور من كتاب الله.
ومن ذلك ما أخرجه مسلم وغيره عن أبي الأسود، قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة، كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة، فأنسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات (1) فأنسيتها، غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة (2).