ومعانيه كاملة إلا الأوصياء عليهم السلام.
ولو كان المراد بجمع القرآن جمع ألفاظه كاملة في مصحف لما صح لنا أن نقول:
إن غير علي عليه السلام من أئمة أهل البيت عليهم السلام قد جمعه، لأنه إذا كان علي علي السلام قد جمعه قبلهم، فكيف يتأتى لهم أن يجمعوا ما كان مجموعا؟!
هذا مضافا إلى أن الظاهر من أحاديث الباب أنها جاءت تؤكد حقيقة واحدة، هي أن أئمة أهل البيت عليهم السلام علموا تفسير القرآن وفهموا معانيه كلها، وعرفوا أحكامه كما أرادها الله سبحانه، وأن أحدا من هذه الأمة لا يستطيع أن يدعي أنه يعلم ذلك إلا هم. وأما مسألة جمع القرآن بالمعنى الذي ذكره الجزائري فلم يكن مرادا بالحديثين الأولين، ولم تحم حوله باقي الأحاديث الأخر المذكورة في هذا الباب.
المعنى الثاني: أن المراد بجمع القرآن كما أنزل هو جمعه في مصحف رتب فيه المنسوخ قبل الناسخ، والمكي قبل المدني، والسابق نزولا قبل اللاحق، وهكذا.
وجمع القرآن بهذا النحو لم يتأت لأحد من هذه الأمة إلا لعلي بن أبي طالب علي السلام.
فقد أخرج ابن سعد وابن أبي داود وغيرهما عن محمد بن سيرين، قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وآله أبطأ علي عن بيعة أبي بكر، فلقيه أبو بكر فقال : أكرهت إمارتي؟ فقال: لا، ولكن آليت أن لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة حتى أجمع القرآن. فزعموا أنه كتبه على تنزيله. فقال محمد: لو أصيب ذلك الكتاب كان فيه العلم (1).