الأحاديث لطال بنا المقام، وخرجنا عن موضوع الكتاب.
وهنا نسأل الجزائري: ألا تدل هذه الأحاديث الصحيحة على تكذيب قول الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)؟
فإن أجاب: بأن هذه الأحاديث وأمثالها تدل على أن من آيات القرآن الكريم ما نسخت تلاوته، بمعنى أن آية الرجم وغيرها كانت مما أنزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله، إلا أنها نسخت، فأمر النبي صلى الله عليه وآله بإزالتها من المصاحف ونهى عن التعبد بتلاوتها.
قلنا له: إن ظاهر كثير من الأحاديث يدفع هذا التخريج، فإن قول عمر:
لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها دال - كما تقدم عن الزركشي - على أن هذه الآية كانت ثابتة في كتاب الله، إلا أن خوف عمر من الناس منعه عن كتابتها في المصحف.
كما أن جواب أبي بن كعب ب (نعم)، لما سأله عمر عن إثبات لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب في المصحف، دال بوضوح على أنها من القرآن، ولم تنسخ تلاوتها، وإلا لما جاز إثباتها في المصحف.
وقول أبي الدرداء: ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستزلوني عن شئ سمعته من رسول الله ظاهر في أن (وما خلق الذكر والأنثى) ليست من القرآن المنزل على النبي، وإنما هو شئ أثبته القوم من عند أنفسهم.
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الدالة على ما قلناه.
هذا مضافا إلى أن هناك أحاديث أخر تصرح بأن التحريف وقع بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله:
منها: ما أخرجه مسلم ومالك والترمذي وأبو داود والنسائي وغيرهم عن عائشة ، أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات