أقول:
لو سلمنا بصحة الحديثين جدلا فهما مع ذلك لا يدلان على شئ مما قاله.
أما الحديث الأول:
فهو لا يدل على أن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم قد استغنوا بكتب الأولين عن القرآن الكريم، وإنما يدل بوضوح على أن أهل البيت عليهم السلام عندهم تلك الكتب غير محرفة ولا مبدلة، ورثوها من النبي صلى الله عليه وآله، وهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها كما عنون الكليني رحمه الله الباب بذلك.
وظاهر الحديث أن أبا الحسن موسى عليه السلام قرأ على بريه من الإنجيل ما يلزمه ويأخذ بعنقه للدخول في الإسلام، بدليل أنه أسلم في الحال، ولعله قرأ عليه من الإنجيل ما يدل على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله، فإن ذلك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل كما أخبر سبحانه وتعالى في محكم كتابه إذ قال:
(والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم...) (1).
قال ابن كثير: هذه - يعني قوله تعالى (يأمرهم بالمعروف...) الآية - صفة محمد صلى الله عليه وآله في كتب الأنبياء، بشروا أممهم ببعثه، وأمروهم بمتابعته، ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم، يعرفها علماؤهم وأحبارهم (2).
وقال: إن الأنبياء عليهم السلام لم تزل تنعته وتحكيه في كتبها على أممها،