والجواب:
أن الرواية المذكورة مع ضعف سندها لا تناقض فيها، والظاهر أنه ظن أن قوله:
الأئمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستلزم القول بأنهم عليه السلام يوحى إليهم، وهذا عنده يناقض قوله عليه السلام: إلا أنهم ليسوا بأنبياء، مع أن المراد بالعبارة الأولى هو أن الأئمة عليه السلام بمنزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العصمة ووجوب الطاعة، وأنهم يعلمون كل ما يحتاج إليه الناس في دينهم ودنياهم.
والمراد بأنهم ليسوا بأنبياء هو أنهم وإن اشتركوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من الأمور، إلا أنهم لا يشتركون معه في النبوة وأمر النساء.
ومن ذلك يتضح أن ليس المراد بأن الأئمة عليهم السلام بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أنهم يساوون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الفضل، فإن المسلمين قاطبة - سنة وشيعة - قد اتفقوا على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو سيد ولد آدم من الأولين والآخرين.
وإنما المراد هو أنهم لما كانوا هم القائمين بالأمر من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن ذلك يعني أنهم علماء معصومون صادقون مفهمون محدثون، يعلمون كل ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم ودنياهم، وأنهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فتثبت لهم المودة الواجبة، والطاعة المفروضة. إلا أنهم ليسوا بأنبياء، ولا يحل لهم من النساء أكثر من أربع، فإن ذلك ليس مما تقتضيه الخلافة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما لا يخفى.
هذا وقد نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم على أن أمير المؤمنين عليه السلام له ما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من كونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، إذ قال: أيها الناس، ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (1).