ولو سلمنا أن الآية تدل على هذا المعنى، فهي لا تدل على أن كل من أغاظوه أو اغتاظ منهم فهو كافر، وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.
* * * قال الجزائري: والإمامة أيضا: أليس من السخرية والعبث أن يترك الإسلام للمسلمين أمر اختيار من يحكمهم بشريعة الإله ربهم وهدي نبيهم، فيختارون من شاؤوا ممن يرونه صالحا لإمامتهم وقيادتهم بحسب كفاءته ومؤهلاته، فتقول جماعة الشيعة: لا، لا، يجب أن يكون موصى به، منصوصا عليه، ومعصوما ويوحى إليه، ومتى يجد المسلمون هذا الإمام؟ أمن أجل هذا تنحاز الشيعة جانبا تلعن المسلمين وتعاديهم؟!
والجواب:
أن الله سبحانه لم يجعل الخلافة شورى، ولم يترك للمسلمين أمر اختيار من يحكمهم، بل اختار لهم الأصلح لهم في دينهم ودنياهم.
ويدل على بطلان الشورى في الخلافة أمور:
1 - أن الشورى تسبب الاختلاف والتنازع، وهذا ما وقع بين المسلمين في سقيفة بني ساعدة، واستمر الخلاف بسبب ذلك إلى يومنا هذا، مع أن من غايات الشارع المقدس إغلاق كل باب يؤدي إلى النزاع، وسد كل ثغرة تؤدي إلى الخلاف.
وعليه، فلا يمكن أن يفتح الله للمسلمين بابا يؤدي إلى الفرقة مع إمكان النص على الخليفة الذي تجتمع عليه الأمة، وتتحد به الكلمة.
2 - أن منصب الخلافة الكبرى والإمامة العظمى من أهم المناصب الدينية التي تترتب عليها أعظم المصالح وأشد المفاسد، فلا يصح إيكالها إلى الناس الذين لا يعلمون بخفايا النفوس ولا خبايا القلوب، إذ لا يؤمن حينئذ