وأثماره. والحيوان بقوانين تكوينه وغريزته. بل الذرة الواحدة بحركات أجزائها ونواتها. بل الإنسان في تكوينه الجسدي ملتزم بنظام. ولذلك فإن النزوع إلى النظام يعتبر نزعة طبيعية لدى الإنسان الذي لا يقر عقله ولا تطمئن نفسه إلى الفوضى والعبث.
أما حالات الاتجاه والرغبة إلى التخلص من الالتزام بالانتظام فهي ترجع إلى رفض نظام حياة معين لاستبداله بنظام آخر، أو إلى التعود الطويل الأمد على الحياة غير المنظمة، أو إلى حالة غير سوية في شخصية الإنسان. ولا أظن لهذا الاتجاه المضاد للإنتظام سببا وراء هذه الأسباب الثلاثة.
إن اتجاه الناس في مجتمعاتنا إلى عدم الالتزام بأنظمة الحياة الموضوعة من قبل الحكومات هو القناعة العامة بظلم هذه الالتزامات التي تفرضها أنظمة ظالمة، متسلطة، وهو في بعض الحالات عدم التعود على الالتزام بالنظام الموروث من فوضى الانحطاط وفوضى الافساد التي أشاعها الاستعمار.
وكذلك حالة الميل إلى الفردية وعدم الانتظام في ظل الدولة الإسلامية والمؤسسات والحركات الإسلامية هي حالة ناشئة من عدم التعود على النظام أو من خلل ذهني ونفسي في شخصية المسلم.
وأما الظاهرة التي تسمى " ثورة الجيل الجديد " في المجتمعات الغربية المتقدمة على كل التزام وانتظام فهي في اعتقادي ليست خروجا على " مبدأ الالتزام " وإنما ثورة للبحث عن التزام نافع بدل الالتزام بالأنظمة المادية الفارغة. إن السبب في تيار الفوضى والعبث الهيبي والوجودي وأمثاله هو شعور هؤلاء " الثوار " أن التزام الناس بشكل الحياة الغربي بدون جدوى.
فلماذا يقيد الإنسان نفسه بقوانين؟ ولماذا ينتظم في عمل يومي مرهق؟ ولماذا؟
ولماذا؟. فما دام كل ذلك من أجل أن يعيش الإنسان عمره سعيدا هانئا فمن يقول أن شكل الحياة القائم المعقد المرهق هو أكثر سعادة وهناءة من شكلها الحر الطليق البسيط حيث يفعل الإنسان ما يشاء ويعيش كما يشاء.
إن هذه الموجات الخارجة عن الانتظام الباحثة عن المجهول لا بد أن