الأحاديث المشكلة، وما نقلوه عن أكابر السلف في ذلك فقد قدمنا لك نقل الإمام أبي بكر بن العربي عن مالك أنه قال في حديث النزول: هو نزول رحمة لا نزول نقلة، ولعله رضي الله عنه لم يبلغه الحديث المفسر له أو لم يستحضره أو بلغه من طريق لا يعتمد عليه، وقد أخرج النسائي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: إن الله يمهل حتى إذا مضى شطر الليل أمر مناديا أن ينادي ألا من سائل فأعطيه، الحديث. فتبين به أن إسناد النزول إليه تعالى إسناد مجازي، فالمجاز في الإسناد وليس في الطرف وليس ذلك بغريب، ففي القرآن العزيز (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) والمعنى إذا قرأه عليك جبريل بأمرنا، كما يعلم ذلك من قرأ ما أخرج البخاري عن ابن عباس في بدء الوحي فقد أزيل الاشتباه في الحديث بهذه الرواية كما أزيل الاشتباه في الآية الأخرى، وصح النقل عن حبر الأمة ابن عباس أنه فسر بالعلو ولم يفسره بالجلوس.
وقد علمت ما قاله الإمام الطبري في معنى العلو، ونقلنا لك عن الذهبي نفسه ما يفيد إجماع علماء الأمصار أنهم يقولون كلهم بلا كيف، وشرحنا معناه بما يزيل عنك الالتباس إن شاء الله تعالى.
وبعد فقد سبقتنا أساطين العلماء رضي الله عنهم فدونوا في المتشابهات الكتب الكثيرة القيمة بين مطول مفيد ومقل مجيد، فاملأ قلبك بتنزه الله تعالى عن هذا الظواهر الحسية الجسمية.) انتهى.
الكوثري ينفي ما نسبه المجسمون إلى أئمة المذاهب (ذكر الكوثري في مقدمة تحقيقه لكتاب الأسماء والصفات للبيهقي المطبوعة في آخر نسختنا المذكورة، أن البيهقي ألف كتابا في مناقب الإمام أحمد وبرأه فيه من كل ما نسبوه إليه من التشبيه والتجسيم، قال: