الآية إذا كان خاصا بذوات الأرواح كما زعم فهو يشمل الله تعالى لأنه ذو روح، فلماذا استثنت الآية منه وجه الله فقط دون بقية جوارحه المزعومة!
ثم ما دام مقاتل وتلاميذه تأولوا (كل شئ) في الآية بالعموم النسبي لذوات الأرواح، ليحلوا بذلك الإشكال الموجه إليهم، فلماذا لا يؤولون (وجهه) في الآية بذاته ويحلون الإشكال من أساسه؟ فالعموم الحقيقي ظاهر، والمعنى الحسي بزعمهم ظاهر! فلماذا صار تأويل أحدهما حلالا، والآخر حراما؟!
والإنصاف أن موضوع الآية هو (هلاك العالم قبل يوم القيامة) ومناسبة الحكم والموضوع تقضي أولا بالعموم الحقيقي وعدم صحة استثناء شئ إلا ما استثناه الله تعالى، وتقضي ثانيا بأن الله تعالى خارج تخصصا عن موضوع الآية لأن موضوعها هلاك المخلوقات لا الخالق، وهذا يوجب تفسير وجهه ببعض مخلوقاته، أو القول بأن المقصود به ذاته تعالى وأن الاستثناء في الآية منقطع.
وهكذا لم يستطع مقاتل وارث تجسيم اليهود، أن يلائم بجدله بين تجسيمه وبين الآية، ولم يتوفق في محاولته سلب العموم الاستغراقي عن (كل شئ) في القرآن وحصر معناها هنا بذات الأرواح!
تفسير السنة غير المجسمة للآية لم يفسر علماء السنة (وجهه) في الآية بالجارحة كما قال المجسمون، بل قالوا إن معنى وجهه هنا: ذاته عز وجل، ووافقهم بعض علماء الشيعة.
(قال الشاطبي في الإعتصام: 2 / 303: