ويستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: اللهم اشهد، وأشار بإصبعه إلى السماء، ويورد على من ينازعه في ذلك سؤال الكرامية المشهور وهو قولهم إن نفيه عن الجهات الست إخبار عن عدمه، ولا يخفى على فضيلتكم أن الكلام في مسألة الجهة شهير، إلا أنه من المعلوم أن قول فضيلتكم سيما في مثل هذا الأمر هو الفصل، وأرجو أن يكون عليه إمضاؤكم بخطكم والختم ولا مؤاخذة.
لا زلتم محفوظين ولمذهب أهل السنة والجماعة ناصرين آمين.
وهذا نص جوابه حفظه الله: إلى حضرة الفاضل العلامة الشيخ أحمد علي بدر خادم العلم الشريف ببلصفورة:
قد أرسلتم بتاريخ 22 محرم سنة 1325 ه. مكتوبا مصحوبا بسؤال عن حكم من يعتقد ثبوت الجهة له تعالى، فحررنا لكم الجواب الآتي وفيه الكفاية لمن اتبع الحق وأنصف، جزاكم الله عن المسلمين خيرا.
إعلم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السنيون أن الله تعالى منزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تنزهه عن الجهة والمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية، فإن كونه في جهة يستلزم قدم الجهة أو المكان وهما من العالم وهو ما سوى الله تعالى، وقد قام البرهان القاطع على حدوث كل ما سوى الله تعالى بإجماع من أثبت الجهة ومن نفاها، ولأن المتمكن يستحيل وجود ذاته بدون المكان مع أن المكان يمكن وجوده بدون المتمكن لجواز الخلاء فيلزم إمكان الواجب ووجوب الممكن وكلاهما باطل.