بيان أن العلو المعنوي من المجاز الشائع في كلام العرب:
والعلو المعنوي منتشر في القرآن مستفيض في لغة العرب في وصف الخالق والمخلوق على ما يليق بكل (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون). (ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين). (إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم). والظهور هنا هو العلو. (إن فرعون علا في الأرض). (وإنا فوقهم قاهرون) (وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين). (وليتبروا ما علوا تتبيرا). (لا تخف إنك أنت الأعلى).
ولما ذاق المشركون حلاوة النصر المؤقت يوم أحد قال قائلهم (أعل هبل) وهو اسم صنم لهم أجابهم المسلمون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم (الله أعلى وأجل) وفي شعر العرب:
ولما علونا واستوينا عليهم * تركناهم مرعى لنسر وكاسر ولو ذهبنا نستقصي ما في الكتاب العزيز من ذلك وما في كلام العرب لكان مجلدا، وأين علو المكان من علو السلطان؟ وهل العلو في المكان إلا كمال جسماني عرضي نازل كل النزول عن الكمال الذاتي الأصلي؟ تعالى الله عما يخطر للواهمين.
وقال الإمام أبو جعفر (الطبري) في قوله تعالى (كل شيء هالك إلا وجهه) إلا هو. فانظر كيف حمل الوجه على الذات ولم يحك فيه خلافا لمن تقدمه.
وقال البخاري في جامعه في تفسير سورة القصص (كل شيء هالك إلا وجهه) إلا ملكه ويقال: إلا ما أريد به وجه الله. انتهى. فقد حمل الوجه على الملك جازما به. ولا أظن عاقلا يرتاب في أن البخاري من خير السلف.