من العلم. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل...
فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز، أو كان شركا كما زعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه، لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم!
وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) ونحو قوله تعالى (فلا تدعوا مع الله أحدا)، ونحو قوله تعالى (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ) ليس بوارد، بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه.....
وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين) يا فلان ابن فلان لا أملك لك من الله شيئا، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئا، فإن هذا ليس فيها إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلا عن غيرهم شيئا من الله. وهذا معلوم لكل مسلم، وليس فيه أنه لا يتوسل به إلى الله، فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سببا للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع، وهو مالك يوم الدين. انتهى كلام الشوكاني (رحمه الله).
- وقال الآلوسي: أنا لا أرى بأسا في التوسل إلى الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حيا وميتا، ويراد بالجاه معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته فيكون معنى قول القائل: إلهي أتوسل إليك بجاه نبيك صلى الله تعالى عليه وسلم أن تقضي لي حاجتي، إلهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي.