ثم قال في (ص 275): فالمراد بوجهه في قول أبي طالب: (يستسقى بوجهه) ببركة حضور ذاته أو بدعائه. ا ه.
قلت وبالله التوفيق: صرف السهسواني هذا التوسل إلى التبرك بالذات أو الدعاء فيه نظر، أما الدعاء فظاهر أن كون المراد بيستسقى بوجهه ببركة حضوره فيمكن أن يكون كذلك إن كان التبرك والتوسل عنده مترادفان وهو الصواب، وهو ما صرح به البدر العيني فقال في عمدة القاري (7 / 30): معنى قول أبي طالب هذا في الحقيقة توسل إلى الله عز وجل بنبيه، لأنه حضر استسقاء عبد المطلب والنبي صلى الله عليه وسلم معه، فيكون استسقاء الناس الغمام في ذلك الوقت ببركة وجهه الكريم. ا ه.
وإن لم يكن، فلفظة (يستسقى الغمام بوجهه) هو عين التوسل، ولا بد من حمل النص على ظاهره، ولا يصرف إلا بدليل ولا صارف هنا. والله أعلم.
وللعلامة محمد بن علي الشوكاني كلمة في جواز التوسل بالأنبياء وغيرهم من الصالحين رد فيها على من منعه وفند إيراداته، فقال (رحمه الله) في كتابه (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) ما نصه:
أما التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه، فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه.
ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه، والترمذي وصححه، وابن ماجة، وغيرهم، أن أعمى أتى النبي...
وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين: الأول، ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم. والثاني، أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة، إذ لا يكون فاضلا إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به