والجواب:
أن الفرق بين المؤمنين والمشركين في كل الأديان: أن المشركين جعلوا لله شركاء وشفعاء لم يأذن بهم، فأشركوهم معه بأنواع من التشريك الذي زعموه.
أما المؤمنون فوحدوا الله وأطاعوه، وهو الذي أمرهم باتخاذ الوسيلة إليه والتوجه إليه بهم وتقديمهم بين يدي دعائهم وأعمالهم.. فالأنبياء والأوصياء وسيلة مشروعة وشفعاء بإذنه.
وبذلك يكون الحد الفاصل بين الشرك والتوحيد في نوع الواسطة لا في أصلها:
فالواسطة التي أذن بها الله الواحد الأحد سبحانه لا تنافي التوحيد بل تؤكده..
والواسطة التي لم يأذن بها شرك يخرج صاحبه عن التوحيد.
والله تعالى يستحيل أن يأذن باتخاذ وسيلة إليه ممن يزعم أن له شراكة معه! ولذا لا يدعي المتوسلون بالرسل والأوصياء عليهم السلام أن لهم شراكة مع الله تعالى ولو بقدر ذرة! بل هم عباد مكرمون، شاء الله تعالى أن يجعلهم وسائط لعطائه.
المسألة الثالثة: الفرق بين التوسل وأنواع الشرك تضمنت آيات القرآن الكريم كل المفاهيم اللازمة للبشر، في تحديد ما هو من الله تعالى في العبادة والإطاعة، وما هو من الله.
يتضح أن سبب الكفر والشرك والضلال، ثلاثة أمور:
الأول: زعم الألوهية لأحد غير الله تعالى.
والثاني: زعم الشراكة في الألوهية أو في التصرف في الخلق لأحد مع الله تعالى.
والثالث: زعم حق الوسيلة والوساطة لأحد أو شئ لم يأذن به الله تعالى. أما التوسل إلى الله بمن أذن بالتوسل به، وبدون ادعاء شراكة له مع الله تعالى..
فهو خارج عن هذه الحالات المذمومة كلها، ولا يدخل في شئ من الكفر والشرك والضلال، بل هو إطاعة لله، لأنه اتخاذ وسيلة بأمره، وليس من دونه.