فاعل إلا الله، ولا خالق سواه، وإليه يرجع الأمر كله. وغاية ما في المتوسل أن يقول:
اللهم إني أسألك أو أتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم مثلا.
فالمتوسل سأل الله تعالى ولم يسأل سواه، ولم ينسب إلى المتوسل به تأثيرا أو فعلا أو خلقا، وإنما أثبت له القربة والمنزلة عند الله تعالى، وتلك المنزلة ثابتة له في الدنيا والآخرة، وإليه نذهب يوم القيامة طلبا للشفاعة.
ومن اعتقد أن إخوانه المسلمين يعتقدون أن المتوسل به له تأثير، فيكون قد كفرهم، ووضع نفسه مقام العارف بما في الصدور!
وهذه فتاوى يضحك بها هؤلاء على البسطاء ليوضحوا لهم أن المتوسلين من جلدة أخرى! وكلام العثيمين ينسحب إلى التوسل كله. والحق يقال: إنه كلام لا علاقة له بالعلم، وكم من حوادث وفتن تتبع هذه الفتاوى، وكم من جاهل كفر أبويه أو أهل خطته بسبب اغتراره بمثل هذه الفتاوى، ولو تمهل المفتي وفكر قليلا لأدرك سخف مقولته.
والعجب أنه أطلق وما قيد، فهل للعمل الصالح المتوسل به تأثيرا بذاته. ومحال أن الصحابة اعتقدوا هذا الاعتقاد في النبي صلى الله عليه وسلم، والعباس ويزيد عندما توسلوا بهم، ومحال أن يعتقد السلف، ومنهم الإمام أحمد الذين توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم (كما صرح به ابن تيمية في التوسل والوسيلة ص 98) هذا الاعتقاد الفاسد.
والحنابلة يجوزون أو يستحبون التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما صرح إمامهم ابن قدامة بذلك في المغني، فهل يراهم يعتقدون مثل هذا الاعتقاد؟!!
إن من الآفات المردية التسرع في رمي العباد بالعظائم.
والحاصل أن ما قاله العثيمين لا يصلح دليلا على ما ادعى، بل هو مما يدوم ضرره، لأن آثاره نراها دارجة تفرق بين المسلمين! نسأل الله لنا جميعا الهداية والتوفيق، ولو حسن الشيخ الظن بإخوانه المسلمين لكان له موقف آخر.