أن يسأل قبول شفاعته، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعى، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يقدر على شفائه إلا بدعاء الله له. فأين هذا من تلك الطوام؟!
والكلام إنما هو في سؤال الغائب أو سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله.
أما أن تأتي شخصا يخاطبك فتسأله أن يدعو لك فلا إنكار في ذلك على ما في حديث الأعمى.
فالحديث سواء كان صحيحا أو لا، وسواء ثبت قوله فيه يا محمد أو لا، لا يدل علي سؤال الغائب ولا على سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، بوجه من وجوه الدلالات. ومن ادعى ذلك فهو مفتر على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم!! انتهى.
فتراه يشكك في حديث الأعمى الذي صححه علماء المذاهب، وقبله إمامه ابن تيمية، ثم تراه يفترض أن المستشفع (يدعو) النبي (صلى الله عليه وآله)، ويطلب من النبي نفسه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى!! كل ذلك ليثبت أن المسلم المستغيث إلى الله برسوله قد كفر واستبدل عبادة الله بعبادة الرسول! ويستحل بذلك دمه وماله!!
وإن سألته عن دليله على أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول من دون الله.. فإنك تطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وتكون على مذهبه عبدته من دونه تعالى!!!
غرض ابن تيمية من نقل التوسل من فروع الفقه إلى أصول العقائد!
ماذا يحدث لو نقلنا مادة جزائية من القانون التجاري إلى مواد القانون الجنائي، أو إلى مواد مخالفات الدستور، ومحكمة أمن الدولة؟
طبعا سيكون الفرق على مرتكبها كبيرا، لأن التهمة الجنائية أصعب من التهمة الجزائية، وأصعب منهما تهمة الاخلال بالدستور!!
إن ما فعله ابن تيمية من اتهام المتوسلين بمخالفة الشرع، شئ لا يذكر أمام نقله تهمتهم إلى الاخلال بأصول الدين وارتكاب الشرك!! وبذلك حكم عليهم بالكفر واستحل قتلهم وأعراضهم وأموالهم!!!