خاصة يذكر فيها حال النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وصفاتهم فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته وعطفه ما كان من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه وأكرمهم عليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه في حومة العز مولده وفي دومة الكرم محتده غير مشوب حسبه ولا ممزوج نسبه ولا مجهول عند أهل العلم صفته، بشرت به الأنبياء في كتبها ونطقت به العلماء نبعتها وتأملتها الحكماء بوصفها، لا يداني هاشمي ولا يوازي أبطحي لا يسامي، شيمته الحياء وطبيعته السخاء، مجبول على أوتار النبوة وأخلاقها مطبوع على أوصاف الرسالة وأحلامها، إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها وجرى بأمر الله فيه قضاء الله إلى غاياتها، يبشر به كل أمة من بعدها ويدفعه كل أب إلى أب من ظهر إلى ظهر، لم يخلطه في عنصره سفاح ولم ينجسه في ولادته نكاح من لدن آدم إلى أبيه عبد الله في خير فرقة وأكرم سبط وامنع رهط واكلأ حمل وأورع حجر، اصطفاه الله، وارتضاه واجتباه وآتاه من العلم مفاتيحه ومن الحكم ينابيعه، ابتعثه رحمة للعباد وربيعا للبلاد، وأنزل الله إليه الكتاب فيه البيان والتبيان قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله ودين قد أوضحه وفرائض قد أوجبها وحدود قد حدها للناس وبينها وأمور قد كشفها لخلقه وأعلنها فيها دلالة إلى النجاة ومعالم تدعو إلى هداه، فبلغ رسول الله (ص) ما أرسل به وصدق بما أمر وأدى ما حمل من أثقال النوبة وصبر لربه وجاهد في سبيله ونصح لأمته ودعاهم إلى النجاة وحثهم على الذكر ودلهم على سبيل الهدى بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها
(٣١)