وهي كلمات جليلة ووصايا نافعة جدا لو تدبر فيها المتعلمون وعملوا بها وجعلوها دستورا لأعمالهم، قال رحمه الله:
(وصيتي إلى علماء الدين وإخواني المجتهدين أن لا ينطقوا في الفقه ومسائله ولا يتعرضوا لدقائقه وجلائله إلا بعد إتقان العربية بأسبابها وأقسامها واستقراء فنون ما تنطق به العرب أو تكتبه بأقلامها، وتتبع بليغ في كل مسألة لأقوال الأصحاب ومداركها وما أدت إليه آراؤهم في معاركها من مسالكها، ولا ينسبوا إلى أحد قولا إلا بعد وجدانه في كتاب أو سماع منه شفاها في خطابه ولا يتكلوا على نقل الثقة فلا كل تعويل عليه وإن كانت الكلمة فالسهو والغفلة والخطأ لوازم عادية للناس واضح ليس به التباس).
(ولا يعتمدوا في الأخبار إلا أخذها من الأصول ولا يعولوا ما استطاعوا على ما عنها من النقول، حتى إذا وجدوا في التهذيب عن محمد ابن يعقوب مثلا خبرا فلا يقصروا عليه بل ليجيلوا له في الكافي نظرا فربما طغى فيه القلم أو زل فعن خلاف في المتن أو السند جل أو قل. ولقد رأيت جماعة من الأصحاب أخلدوا إلى أخبار وجدوها فيه وفي غيره كما وجدوها وأسندوا إليها آراءهم من غير أن ينقدوها ويظهر عند الرجوع إلى الكافي أو غيره أن الأقلام أسقطت منها ألفاظا أو صحفتها و أزالت كلمة أو كلما عن مواضعها وحرفتها، وما هو إلا تقصير بالغ وزيغ عن الحق غير سائغ).
(ولا يستندوا في تصحيح الطرق والتضعيف والترجيح لبعضها