حماة كماة الأسود ضراغم * إذا برزوا ردوا لكل زعيم ثم إن القوم ساروا إلى أن بعدوا عن مكة فنزلوا بواد يقال له واد الأمواه لأنه مجتمع السيول وأنهار الشام ومنه تنبع عيون الحجاز فنزل به القوم وحطوا رحالهم وإذا بالسحاب قد اجتمع.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أخوفني على أهل هذا الوادي أن يدهمهم السيل فيذهب بجميع أموالهم والرأي عندي أن نستند إلى هذا الجبل.
قال العباس: نعم ما رأيت يا بن أخي، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينادي في القافلة أن ينقلوا رحالهم إلى نحو الجبل مخافة السيل، ففعلوا إلا رجلا من بني جمح يقال له مصعب وكان له مال كثير فأبى أن يتغير من مكانه.
وقال: يا قوم ما أضعف قلوبكم، تنهزمون عن شئ لم تروه ولم تعاينوه، فما استتم كلامه إلا وقد ترادفت السحاب والبرق ونزل السيل وامتلأ الوادي من الحافة إلى الحافة وأصبح الجمحي وأمواله كأنه لم يكن.
وأقام القوم في ذلك المكان أربعة أيام والسيل يزداد، فقال ميسرة: يا سيدي هذه السيول لا تنقطع إلى شهر ولا تقطعه السفار (1) وإن أقمنا هاهنا أضر بنا المقام ويفرغ الزاد والرأي عندي أن نرجع إلى مكة.
فلم يجبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك ثم نام فرأى في منامه ملكا يقول له: يا