ميسرة وناصح وقالت لهما: إعلما أنني قد أرسلت إليكما أمينا على أموالي وإنه أمير قريش وسيدها فلا يد على يده فإن باع لا يمنع وإن ترك لا يؤمر وليكن كلامكما له بلطف وأدب ولا يعلو كلامكما على كلامه.
قال عبدها ميسرة: والله يا سيدتي إن لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عندي محبة عظيمة قديمة والآن قد تضاعفت لمحبتك له، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودع خديجة وركب راحلته وخرج ميسرة وناصح بين يديه وعين الله ناظرة إليه، فعندها قالت خديجة شعرا:
قلب المحب إلى الأحباب مجذوب * وجسمه بيد الأسقام منهوب وقائل كيف طعم الحب قلت له * الحب عذب ولكن فيه تعذيب أقذى (1) الذين على خدي لبعدهم * دمي ودمعي مسفوح ومسكوب ما في الخيام وقد سارت ركابهم * إلا محب له في القلب محبوب كأنما يوسف في كل ناحية * والحز في كل بيت فيه يعقوب ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سار مجدا إلى الأبطح فوجد القوم مجتمعين وهم لقدومه منتظرون، فلما نظروا إلى جمال سيد المرسلين وقد فاق الخلق أجمعين فرح المحب واغتم الحاسد وظهر الحسد والكمد فيمن سبقت له الشقاوة من المكذبين، وزادت عقيدة من سبقت له السعادة من المؤمنين.
فلما نظر العباس إليهم أنشأ يقول: