فبكت خديجة وقالت:
عندي يا سيدي ما يصلح للسفر غير أنهن طوال فأمهل حتى أقصرها لك.
فقال: هلمي بها.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس القصير يطول وإذا لبس الطويل يقصر كأنه مفصل عليه، فأخرجت له ثوبين من قباطي مصر وجبة عدنية وبردة يمنية وعمامة عراقية وخفين من الأديم وقضيب خيزران، فلبس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الثياب وخرج كأنه البدر في تمامه، فلما نظرت إليه جعلت تقول:
أوتيت من شرف الجمال فنونا * ولقد فتنت بها القلوب فتونا قد كونت للحسن فيك جواهر * فيها دعيت الجوهر المكنونا يا من أعار الظبي في لفتاته * للحسن جيدا ساميا وجفونا أنظر إلى جسمي النحيل وكيف قد * أجريت من دمع العيون عيونا أسهرت عيني في هواك صبابة * وملئت قلبي لوعة وجنونا ثم قالت: يا سيدي عندك ما تركب عليه؟
قال: إذا تعبت ركبت أي بعير أردت.
قالت: وما يحملني عن ذلك؟ لا كانت الأموال دونك يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم قالت لعبدها ميسرة: آتني بناقتي الصهباء حتى يركبها سيدي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأتى بها ميسرة وهي تزيد على الأوصاف لا يلحقها في سيرها تعب ولا يصيبها نصب كأنها خيمة مضروبة أو قبة منصوبة، ثم التفتت إلى