كل شغلها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه والدعوة إلى الله تعالى وتصبر على آلامها فتبتسم له حين يدخل عليها وهموم الدعوة إلى الله ترسم آثارها على وجه الحبيب فتشد خديجة رضي الله عنها عليه بيدها الحانية وتمسح عنه بهذا التأييد كل آثار التعب أو النصب.
أوليس ذلك دور الزوجة الصادقة الصالحة الصابرة من زوجها إذا نظر إليها سرته وهو دور الأم الحانية تمسح عن جبين ولدها كل وعثاء الطريق وتزيل عنه كل آلام الدنيا أنها تفتح عينيها فتجد الزوج الوفي يحوطها بعطفه وحنانه ولا يملك لها إلا الدعاء الذي يرجو من الله قبوله.
أما الصغيرة فاطمة فإن الدموع تنهمر من عينيها وهي تنظر إليها من بعيد فتقبل عليها ثم تولي بعيدا لتمسح الدموع من عينها أنها تنظر إلى الذين يلتفون حول الأم الرءوم والدموع تتساقط من أعينهم وهم يبكون ولا تملك إلا أن تبكي مثلهم.
ولبث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جوار زوجته المريضة يرعاها ويؤنس وحشتها ويقف إلى جوارها لحظة الاحتضار هذه السيدة التي كان لها قصب السبق في الإسلام وهي التي احتضنت الدعوة الوليدة بقلبها المؤمن المستيقن وهي التي واست النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين بمالها وجاهها وفوق هذا كله صاحبة البشرة الواعدة بان لها بيتا في الجنة.
لقد أتى الخاصة من الأهل والأقارب يهرولون ليهونوا على أم المؤمنين مرضها بإحاطتها بالرعاية والود وإسباغ مشاعر المحبة عليها واقترب منها