وهناك في الحجون نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حفرتها ولم تكن صلاة الجنازة قد شرعت ووسدها (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه ودعا لها كثيرا.
عادت فاطمة إلى مخدع أمها وهي تبكي وصورة خديجة الحبيبة لا تفارق عين فاطمة لكأنها الآن أمامها بشحمها ولحمها وهي تبتسم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال لها ما قاله له جبرئيل (عليه السلام) (اقرأ عليها السلام من ربها ومني).
لكأنها الآن أمام فاطمة وهي تردد الله السلام ومنه السلام وعلى جبرئيل السلام وعليك السلام يا رسول الله.
ترى فاطمة الابتسامة على طيف أمها المائل أمام عينها تبتسم الزهراء وهي تبكي في آن واحد تبتسم للنعيم الذي تحيا الآن فيه الطاهرة سيدة نساء قريش وسيدة المسلمين وأم المؤمنين وتبكي لذلك الفراق الجسدي المكتوب على كل حي في هذه الحياة الدنيا إنها فطرة الله في خلقه وإنها عواطف ركبها الله تعالى في الإنسان عواطف الحزن والقرح.
وداعا يا أم المؤمنين وداعا يا زوج الحبيب وداعا يا أم الدعوة الإسلامية أم الإسلام قد رعيته وليدا يطل على الدنيا بوجه صبوح فأرضعته من لبن يقينك وإيمانك وصدقك وصنوت عليه بذلا وعطاء وحنانا فكنت خير باذل وأجود منفق... (1).