فهو كالبدر نوره مشرق غير غائب * قد ظفرتي خديجة بجليل المواهب بفتى هاشم الذي ماله من مناسب * جمع الله شملكم فهو رب المطالب أحمد سيد الورى خير ماش وراكب * فعليه الصلاة ما سار عيس براكب ثم إن خديجة قالت: اعلموا أن شأن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عظيم وفضله عميم وحوده جسيم، ثم نثرت عليهن من المال والطيب ما دهش الحاضرين، وشجر طوبى تنثر في الجنة على الحور العين، فجعلن يلتقطن النثار ثم يتهادينه، ثم إن خديجة أنفذت إلى أبي طالب غنما كثيرة ودنانير ودراهم وثيابا وطيبا، وعمل أبو طالب وليمة عظيمة ووقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشد وسطه وألزم نفسه خدمة جميع الناس وأقام لأهل مكة الوليمة ثلاثة أيام وأعمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحته في الخدمة.
وأنفذت خديجة إلى الطائف وغيره ودعت أهل الصنايع إلى منزلها وصاغت المصاغ والحلي وفصلت الثياب وعملت الشمع بالعنبر على هيئة الأشجار وأجرت عليه الذهب وعملت فيه التماثيل من المسك والعنبر، ولم تزل تعمل في شغل العرس ستة أشهر حتى فرغت من جميع ما تحتاج إليه وعلقت ستور الديباج المطرز ونقشت فيها صورة الشمس والقمر، وفرشت المجالس ووضعت المساند والوسائد من الديباج والخز، وفرشت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مجلسا على سرير تحت الإبريسم والوشي والسرير من العاج والآبنوس مصفح بصفائح الذهب الوهاج، وألبست جواريها وخدمها