ثياب الحرير والديباج المختلفات الألوان، ونظمت شعورهن باللؤلؤ والمرجان وسورتهن، ووضعت في أعناقهن قلائد الذهب، وأوقفت الخدم بأيديهن المجامر من الذهب، وفيها الطيب والعنبر والبخور من العود والند، وجعلت في يد كل واحدة من الخدم مراوح منقوشة بالذهب مقصبة بالفضة وأوقفتهن عند مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودفعت إلى بعضهن الدفوف والشموع، ونصبت في وسط الدار شمعا كثيرا على أمثال النخيل.
فلما فرغت من ذلك دعت نسوان أهل مكة جميعهن فأقبلن إليها ورفعت مجلس عمات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أرسلت إلى أبي طالب ليحضر وقت الزفاف، فلما كان تلك الليلة أقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أعمامه وعليه ثياب من قباطي مصر وعمامة حمراء وعبيد بني هاشم بأيديهم الشموع والمصابيح، وقد كثر الناس في شعاب مكة ينظرون إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنهم من وقف على السرادقات والنور يخرج من بين ثناياه ومن جبينه ومن تحت ثيابه، فلما وصلوا إلى دار خديجة دخل هو صلوات الله عليه وآله وهو كأنه القمر في تمامه قد فرج من الأفق، وأعمامه محدقون به كأنهم أسود الشرى في أحسن زينة وفرحة يكبرون الله ويحمدونه على ما وصلوا إليه من الكرامة، فدخلوا جميعا إلى دارها وجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المجلس الذي هئ له في دار خديجة رضي الله عنها ونوره قد علا نور المصابيح، فذهلت النساء مما رأين من حسنه وجماله، ثم هيئوا خديجة للجلاء، فخرجت أول مرة وعليها ثياب معمدة وعلى رأسها تاج من الذهب الأحمر مرصع بالدر والجوهر،