رأي الحنفية:
تقول الحنفية: «إن الحكم في جميع هذه الصور حكم القاضي ظاهرا وباطنا، وإنه يحلل ويحرم.
وقد ثبت في محله أن أبا حنيفة يتفق مع الجمهور في أن حكم الحاكم بالأحوال لا يفيد الحل أو الحرمة في الواقع، إذا كان حكمه مبنيا على شهادة شهود ظاهرهم العدالة وباطنهم الكذب، ولكنه يخالف الجمهور فيما يتعلق بالزواج والطلاق، حيث يجعل حكم الحاكم فيهما نافذا، ظاهرا وباطنا، وإن كان شهادة شهود عدول في الظاهر كذبة في الواقع، مستدلا بأن الحاكم يحكم بالتفرقة بين المتلاعنين، وينفذ حكمه ظاهرا وباطنا، مع العلم بأن أحدهما كاذب لا محالة. وقد رجعنا هذا الاختلاف - فيما سبق - إلى الاختلاف حول تأثير الجانب الخلقي الديني في الامور التشريعية». (1) وقال ابن حجر: «وإنما حجتهم أن الاستئذان ليس بشرط في صحة النكاح، وإن كان واجبا. وحينئذ، فالقاضي إذا أنشأ لهذا الزوج عقدا مستأنفا يصح ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وحده، واحتج بأثر عن علي في نحو هذا، قال فيه: «شاهداك زوجاك» وخالفه صاحباه». (2) بيان البخاري:
البخاري استقر رأيه في جميع هذه الصور على أن: الإذن في البكر، ورضا الثيب شرطان لصحة التزويج، وإن فقدا فالنكاح باطل.
وقد أورد هذه الإعتراضات المكررة للمبالغة في التشنيع على هذا القول الذي يحلل ما حرمه الله، ألم تر أنه قد فصل في هذه المكررات الثلاثة بالأحاديث التي يستعان بها على إفحام الخصم؟!