والحرام منه ما أسكر.
وأما النبيذ فقد اختلفوا في حكمه، فأباحته طائفة، وحرمته أخرى: روى الحاكم النيسابوري عن يزيد النحوي، قال: «كنت قاعدا عند عكرمة، فأقبل مقاتل بن حيان وأخوه، فقال له مقاتل: يا أبا عبد الله! ما تقول في نبيذ الجر؟
فقال عكرمة: هو حرام!
قال: فما تقول فيمن شربه؟
قال: أقول: إن من شربه كفر»!
وقال ابن عبد البر: «قد أجمعوا على ترك التحديث في تحليل النبيذ، وإظهار الرواية في تحريمه». (1) ويشهد بذلك أن أهل العراق لم يجمعوا على تحليل المسكر ما لم يسكر شاربه، لأن جماعة منهم يذهبون في ذلك مذهب أهل الحجاز، كما في سند الرواية المذكورة عن جماعة من أهل الكوفة والبصرة، منهم: عيسى بن يونس الكوفي، ومخلد بن الحسين البصري.
فمن محلليه من أهل الكوفة: «وكيع بن الجراح»، الإمام الحافظ المتوفى سنة 197 ه.
قال ابن معين: «وكيع يفتي بقول أبي حنيفة وكان قد سمع منه كثيرا». (2) وهو مع إمامته وجلالته في حديث السنة:
«كان يفطر على نحو عشرة أرطال من الطعام، ثم يقدم إليه قرابة فيها نحو من عشرة أرطال من نبيذ، فيشرب منها ما طاب له على طعامه، ثم يجعلها بين يديه، ثم