خلال عرض الروايات التي تقول أن الأسرار التي كان يحملها أهل البيت لا يتحملها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد أمتحن الله قلبه للإيمان، أي من خلال عرض هذه الروايات الواردة في حمل أسرار الأئمة وأنه لا يحملها إلا الممتحن ومطابقتها مع الزيارة الخاصة بالصديقة الطاهرة والتي تقول " السلام عليك يا ممتحنة "، يظهر لنا من خلال هذه المطابقة أن العبد الممتحن هو الوحيد الذي يستطيع حمل الأسرار والعلوم الربانية فأفهم تغنم فإن في الأمر إشارات لا يسع المقام أن يظهرها من خلال القلم أو الكتاب.
أما حقيقة السر المستودع فيظهر لنا من خلال عدة احتمالات نحتملها في كونها هي مفاد السر المستودع، ولا نقصد من أن ظهور هذه الاحتمالات يكون بالقطع اليقيني، كلا فإن الأمر أعلى وأجل من أن يظهره قلم أو يخطر على ذهن كاتب، أو عالم، وأنما الأمر يتجاوز المقام، فإن من الأسرار التي يمتلكها أهل البيت (عليهم السلام) ما لم يخطر على بال بشر، وكيف لا وهم الذين اصطفاهم الله تعالى ليكونوا الدالين على مرضاته وهم الصراط الأقوم، أما هذه الاحتمالات فلها شواهد ولها قرائن تدل عليها ولا يعني أنها هي السر المستودع في فاطمة (عليها السلام) بل نترك ذلك للمؤمن لكي يتبحر في عرفان الصديقة الطاهرة سلام الله عليها عسى ولعل يصل إلى حقيقة الأمر، أما هذه الاحتمالات مع بعض القرائن والشواهد عليها:
1 - السر المستودع هو المهدي (عج): قد يكون السر هو صاحب الزمان عج الذي سوف يظهر الله الدين كله على يديه في آخر الزمان، لكون أن الزهراء عليها السلام جدته، وخصوصا نحن نعلم أن الأئمة من ولدها، فعليه قد يكون السر الذي سوف يظهره الله في وقته هو الإمام الحجة، ويدل على كون المهدي هو من ولد فاطمة (عليها السلام)، في الحديث المروي عن أبي أيوب الأنصاري والذي من جملته كان الخطاب لفاطمة (عليها السلام)... عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... " ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وهما ابناك، والذي نفسي بيده منا مهدي هذه الأمة وهو من ولدك " (1).