من إدراكها وعلى ما نحتمله لكي نعرف فاطمة ولو معشار عشر المعرفة التي فطمنا عنها - أي عن معرفة فاطمة (عليها السلام).
أقول: قبل أن ندخل في تفاصيل السر المستودع وحقيقة ماهيته لا بد أن نرى كيف اقتضت ذات الزهراء لحمل الأمانة الإلهية التي جعلها مستودعا لها، وهذا يظهر لنا من خلال مراجعة واستقراء الأحاديث المأثورة فيها والزيارات الواردة في علو مقامها وشأنها ونستنطقها الحال ونستقرئها الجواب لكي نفهم كيف اقتضت المشيئة الربانية ذلك، وأن أول ما يظهر من الجواب على ذلك من خلال الزيارة الواردة في شأنها في يوم الأحد والتي تقول الزيارة: " السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك وكنت لما امتحنك صابرة ".
والذي يظهر من هذه الزيارة المخصوصة للصديقة الشهيدة أنها امتحنت من قبل الباري عز وجل وقبل خلقها أي عندما كانت نورا من الأنوار التي خلقها الله تعالى قبل الخلق بألف عام والتي كانت بعرشه محدقة، والامتحان كان لها لأجل إظهار مقامها السامي ومنزلتها الحقيقية حيث كانت نتيجة الامتحان صابرة، والمعروف عند العرف العقلائي أن الامتحان يمتحن به الشخص ليعرف مدى استعداداته وقابلياته " عند الامتحان يكرم المرء أو... "، لذا نجد من باب أن الباري عز وجل الذي هو سيد العقلاء بل هو خالق العقل أجرى الامتحان الرباني للزهراء حيث امتحنها، ونحن نعرف أن الامتحان يكون للمرء إما لزيادة منزلة ومقام أو لأجل شئ آخر، ولكن الزهراء (عليها السلام) امتحنها الله تعالى لكي تكون حاملة للأسرار الإلهية وذلك ما اقتضته المشيئة الربانية فيها، لذا كانت ناجحة في الامتحان الرباني قبل خلقها حيث استحقت لقب الصابرة، أما ماهية هذا الامتحان وفي أي موضوع كان، وكيف أجراه الله تعالى عليها؟ فهذا ما أشارت إليه بعض الروايات والتي نستفيد من خلال التمعن فيها والتدقيق في مدلولاتها أنها امتحنت في حمل العلم والأمانة الربانية فوجدها الباري عز وجل صابرة على حمل العلم والأمانة الربانية، لذا استحقت حمل الأسرار الربانية، ولكن ينقدح السؤال المهم في المقام ما هو حقيقة هذا السر المستودع في فاطمة؟.
أقول: قبل الإجابة على حقيقة هذا السر، أود أن أشير إلى مسألة مهمة تظهر لنا من