يا رب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا!
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا وعلى هذا الأساس نجد أن الأئمة من آل محمد - (صلى الله عليه وآله وسلم) - كانوا يحملون الأسرار الربانية التي أفاضها الباري عليهم منذ أن خلقهم أنوارا وجعلهم بعرشه محدقين وإلى أن من بهم علينا، ولكن لا يظهرون هذه الأسرار إلا لمن وجدوه أهلا لحمل الأمانة، ومستودعا لها، وإلى هذا الأمر - أعني حمل الأسرار - ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة لأئمة المؤمنين (عليهم السلام) ما نصه: (... السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله... اصطفاكم بعلمه، وارتضاكم لغيبه، واختاركم لسره... وأنصارا لدينه، وحفظة لسره... ومستودعا لحكمته...).
وغير ذلك من الأقوال والزيارات الواردة والتي تصفهم (عليهم السلام) بأنهم المستودع لسر الله، وأن هذه الأسرار لا يعطوها إلا إلى أهلها وإلى ذلك أشار الحديث المروي عن أبي بصير قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد، إن عندنا والله سرا من سر الله وعلما من علم الله، والله لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، والله ما كلف الله ذلك، أحدا غيرنا ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا، وأن عندنا سرا من سر الله، وعلما من علم الله أمرنا بتبليغه فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواما، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته (عليهم السلام)، ومن نور خلق الله منه محمدا وذريته وضعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا وذريته، فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك " فبلغهم ذلك عنا فقبلوه واحتملوه " وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا، وحديثنا فلولا أنهم من هذا لما كانوا كذلك، لا والله ما احتملوه، ثم قال: إن الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم، واشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه، وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب، فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته، ولولا ذلك ما عبد الله في أرضه، فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان، فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه واستروا عمن أمر الله