الأسرار الفاطمية - الشيخ محمد فاضل المسعودي - الصفحة ٤٩٨
وقعدت حجرة الظنين (1)! نقضت قادمة الأجدل (2)، فخانك ريش الأعزل (3)، هذا ابن أبي قحافة (4) يبتزني نحيلة أبي وبلغة ابني (5)، لقد أجهر في خصامي (6)، وألفيته ألد في كلامي (7)، حتى حبستني قيلة نصرها، والمهاجرة وصلها (8)، وغضت الجماعة
(١) الحجرة، بالضم: حظيرة الإبل، ومنه حجرة الدار. والظنين: المتهم، والمعنى: اختفيت عن الناس الجنين، وقعدت عن طلب الحق ونزلت منزلة الخائف المتهم. وفي رواية السيد: " الحجزة " بالزاء المعجمة. وفي بعض النسخ: " قعدت حجزة الظنين ". وقال في النهاية: " الحجزة: موضع شد الإزار، ثم قيل للإزار حجزة، للمجاورة ". وفي القاموس: " الحجزة، بالضم: معقد الإزار، ومن الفرس: مركب مؤخر الصفات بالحقو. " وقال: " شدة الحجزة كناية عن الصبر ".
(2) قوادم الطير: مقاديم ريشه، وهي عشر في كل جناح، واحدتها: قادمة. والأجدل: الصقر.
(3) الأعزل الذي لا سلاح معه. قيل: لعلها - صلوات الله عليها - شبهت الصقر الذي نقضت قوادمه. بمن لا سلاح له. والمعنى: تركت طلب الخلافة في أول الأمر قبل أن يتمكنوا منها ويشيدوا أركانها، وظننت أن الناس لا يرون غيرك أهلا للخلافة، ولا يقدمون عليك أحدا، فكنت كمن يتوقع الطيران من صقر منقوضة القوادم.
أقول: يحتمل أن يكون المراد أنك نازلت الأبطال، وخضت الأهوال، ولم تبال بكثرة الرجال حتى نقضت شوكتهم، واليوم غلبت من هؤلاء الضعفاء والأرذال، وسلمت لهم الأمر ولا تنازعهم. وعلى هذا، الأظهر أنه كان في الأصل " خاتك " بالتاء المثناة الفوقانية فصحف. قال الجوهري: " خات البازي واختات، أي انقض ليأخذه " وقال الشاعر: " يخوتون أخرى القوم خوت الأجادل ".
والخائتة: العقاب إذا انقضت فسمعت صوت انقضاضها. والخوات: دوي جناح العقاب. والخوات، بالتشديد: " الرجل الجرئ ". وفي رواية السيد: " نفضت " بالفاء، وهو يؤيد المعنى الأول.
(4) قحافة بضم القاف وتخفيف المهملة.
(5) الابتزاز: الاستلاب وأخذ الشئ بقهر وغلبة، من البز بمعنى السلب. والنحلة: فعيلة مفعول، من النحلة - بالكسر - بمعنى الهبة والعطية عن طيبة نفس من غير مطالبة أو من غير عوض. والبلغة، بالضم: ما يتبلغ به من العيش يكتفي به. وفي أكثر النسخ: " بليغة " بالتصغير، فالتصغير في النحيلة أيضا أنسب. وابني إما بتخفيف الياء، فالمراد به الجنس، أو تشديدها على التثنية.
(6) إجهاز الشئ: إعلانه. والخصام: مصدر كالمخاصمة، ويحتمل أن يكون جمع خصم، أي أجهر العداوة أو الكلام لي بين الخصام، والأول أظهر.
(7) " ألفيته " أي وجدته. والألد: شديد الخصومة، وليس فعلا ماضيا، فإن فعله علي بناء المجرد.
* والإضافة في " كلامي " أما من قبيل الإضافة إلى المخاطب أو إلى المتكلم. و " في " للظرفية أو السببية. وفي رواية السيد " هذا بني أبي قحافة - إلى قوله - لقد أجهد في ظلامتي، وألد في خصامتي ". قال الجزري: " يقال جهد الرجل في الأمر، إذا جد وبالغ فيه. واجهد دابته، إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها ".
* قد أتى فعله علي بناء الأفعال أيضا كما في القاموس وغيره.
(8) قيلة، بالفتح: اسم أم قديمة لقبيلتي الأنصار، والمراد بنو قيلة. وفي رواية السيد: " حين منعتني الأنصار نصرها " وموصوف المهاجرة الطائفة أو نحوها. والمراد بوصلها عونها.