الأسرار الفاطمية - الشيخ محمد فاضل المسعودي - الصفحة ٤٩٤
أستبد (1) بما كان الرأي فيه عندي. وهذه حالي، ومالي هي لك وبين يديك، لا نزوي عنك (2) ولا ندخر دونك، وأنت سيدة أمة أبيك، والشجرة الطيبة لبنيك، لا يدفع ما لك من فضلك، ولا يوضع من فرعك وأصلك، (3) حكمك نافذ فيما ملكت يدأي، فهل ترين (4) أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله؟
فقالت (عليها السلام): سبحان الله! ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كتاب الله صادفا (5)، ولا لأحكامه مخالفا، بل كان يتبع أثره (6)، ويقفو سوره (7)، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور (8)، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته (9). هذا كتاب الله حكما عدلا، وناطقا فصلا، يقول: " يرثني ويرث من آل يعقوب "، " وورث سليمان داود " فبين عز وجل فيما وزع عليه من الأقساط، وشرع من الفرايض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علة المبطلين (10)، وأزال التظني والشبهات في الغابرين (11)، كلا " بل سولت لكم أنفسكم (12) أمرا فصبر جميل (13) والله المستعان على

(١) استبد فلان بالرأي، أي انفرد به واستقل.
(٢) أي لا نقبض ولا نصرف.
(٣) أي لانحط درجتك ولا ننكر فضل أصولك وأجدادك وفروعك وأولادك.
(٤) ترين: من الرأي بمعنى الاعتقاد.
(٥) الصادف عن الشئ: المعرض عنه.
(٦) الأثر، بالتحريك وبالكسر: أثر القدم.
(٧) القفو: الاتباع والسور بالضم: كل مرتفع عال، ومنه سور المدينة، ويكون جمع سورة وهي كل منزلة من البناء، ومنه سورة القرآن، لأنها منزلة بعد منزلة، وتجمع على سور بفتح الواو، وفي العبارة يحتملها، والضماير المجرورة تعود إلى الله تعالى أو إلى كتابه والثاني أظهر.
(8) الاعتلال: إبداء العلة والاعتذار، والزور: الكذب.
(9) البغي: الطلب، والغوايل: المهالك والدواهي إشارات عليها السلام بذلك إلى ما دبروا - لعنهم الله - في إهلاك النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستيصال أهل بيته عليهم السلام في العقبتين وغيرهما مما أوردناه متفرقا.
أقول: سيأتي الكلام في مواريث الأنبياء في باب المطاعن إن شاء الله تعالى. والتوزيع: التقسيم، والقسط بالكسر: والحصة والنصيب.
(10) الإزاحة: الإذهاب والإبعاد.
(11) التظني: إعمال الظن وأصله التظنن. والغابر: الباقي: وقد يطلق على الماضي.
(12) التسويل: تحسين ما ليس بحسن وتزيينه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله: وقيل: هو تقدير معنى في النفس على الطمع في تمامه.
(13) أي فصبري جميل أو الصبر الجميل أولى من الجزع الذي لا يغني شيئا. وقيل: إنما يكون الصبر جميلا إذا قصد به وجه الله تعالى وفعل للوجه الذي وجب، ذكره السيد المرتضى (رضي الله عنه).
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»
الفهرست