الأسرار الفاطمية - الشيخ محمد فاضل المسعودي - الصفحة ٤٨٠
أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "، أو نجم قرن للشيطان (1)، وفغرت فاغرة من المشركين (2) قذف أخاه في لهواتها (3)، فلا ينكفئ (4) حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بسيفه (5)، مكدودا في ذات الله (6)، مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله سيد أولياء الله (7)، مشمرا ناصحا (8)، مجدا كادحا (9)، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون (10)، تتربصون بنا الدوائر (11)، وتتوكفون
(1) نجم الشئ - كنصر - نجوما: ظهر وطلع. والمراد بالقرن: القوة. وفسر قرن الشيطان بأمته ومتابعيه.
(2) فغر فاه، أي فتحه، يتعدى ولا يتعدى. والفاغرة من المشركين: الطائفة العادية منهم تشبيها بالحية أو السبع. ويمكن تقدير الموصوف مذكرا على أن يكون التاء للمبالغة.
(3) القذف: الرمي، ويستعمل في الحجارة، كما أن الحذف يستعمل في الحصا، يقال: هم بين حاذف وقاذف. واللهوات بالتحريك: جمع لهاة وهي اللحمة في أقصى سقف الفم. وفي بعض الروايات: " في مهواتها " بالميم وهي بالتسكين: الحفرة وما بين الجبلين ونحو ذلك. وعلى أي حال المراد أنه صلى الله عليه وآله كلما أراده طائفة من المشركين أو عرضت له داهية عظيمة بعث عليا عليه السلام لدفعها وعرضه للمهالك. وفي رواية الكشف وابن أبي طاهر: " كلما حشوا نارا للحرب ونجم قرن للضلال ". قال الجوهري: " حششت النار: أوقدتها ".
(4) انكفأ، بالهمزة: أي رجع، من قولهم: كفأت القوم كفأ: إذا أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلى غيره فانكفؤا، أي رجعوا.
(5) الصماخ، بالكسر: ثقب الأذن، والأذن نفسها. وبالسين كما في بعض الروايات لغة فيه.
والأخمص: ما لا يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي. ووطي الصماخ بالأخمص عبارة عن القهر والغلبة على أبلغ وجه، وكذا إخماد اللهب بماء السيف استعارة بليغة شايعة.
(6) المكدود: من بلغه التعب والأذى. وذات الله: أمره ودينه وكل ما يتعلق به سبحانه. وفي الكشف: " مكدودا دؤوبا في ذات الله ".
(7) بالجر صفة الرسول، أو بالنصب عطفا على الأحوال السابقة، ويؤيد الأخير ما في رواية ابن أبي طاهر " سيدا في أولياء ".
(8) التشمير في الأمر: الجد والاهتمام فيه. (9) الكدح: العمل والسعي.
(10) قال الجوهري: " الدعة: الخفض، تقول منه: ودع الرجل فهو وديع أي ساكن، ووادع أيضا، يقال: نال فلان المكارم وادعا من غير كلفة ". وقال: " الفكاهة بالضم: المزاح، وبالفتح مصدر فكه الرجل - بالكسر - فهو فكه: إذا كان طيب النفس مزاجا والفكه أيضا: الأشر والبطر " وقرئ: " ونعمة كانوا فيه فاكهين " أي أشرين، وفاكهين أي ناعمين. والمفاكهة: الممازحة. وفي رواية ابن أبي طاهر: " وأنتم في بلهنية وادعون آمنون " قال الجوهري: " هو في بلهنية من العيش أي سعة ورفاهية، وهو ملحق بالخماسي بألف في آخره، وإنما صارت ياء لكسرة ما قبلها " وفي الكشف: " وأنتم في رفهنية " وهي مثلها لفظا ومعنى.
(11) صروف الزمان وحوادث الأيام والعواقب المذمومة، وأكثر ما تستعمل الدائرة في تحول النعمة إلى الشدة. أي كنتم تنتظرون نزول البلايا علينا، وزوال النعمة عنا.