ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة، قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم والسلامة من الجور، وقد يبلغ من مكر الظالم ودهاء الماكر إذا كان أريبا وللخصومة معتادا أن يظهر كلام المظلوم وذلة المنتصف، وجدة الوامق، ومقة المحق، وكيف جعلتم ترك النكير حجة قاطعة ودلالة واضحة؟ وقد زعمتم أن عمر قال على منبره: متعتان كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعة النساء ومتعة الحج، أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، فما وجدتم أحدا أنكر قوله، ولا استشنع مخرج نهيه، ولا خطأه في معناه، ولا تعجب منه ولا استفهمه، وكيف تقضون بترك النكير، وقد شهد عمر يوم السقيفة، وبعد ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
الأئمة من قريش ثم قال في مكانه: لو كان سالم حيا ما يخالجني فيه شك حين أظهر الشك في استحقاق كل واحد من الستة الذين جعلهم شورى وسالم عبد لامرأة من الأنصار وهي أعتقته وحازت ميراثه، ثم لم ينكر ذلك من قريش قوله منكر ولا قابل إنسان بين قوليه ولا تعجب منه، وإنما يكون ترك النكير على من لا رغبة ولا رهبة عنده دليلا على صدق قوله وثواب عمله، فأما ترك النكير على من يملك الضعة والرفعة والأمر والنهي والقتل والاستحياء والحبس والإطلاق فليس بحجة تشفي ولا دليل يغني، قال: وقال آخرون: بل الدليل على صدق قولهما وصواب عملهما إمساك الصحابة عن خلعهما والخروج عليهما وهم الذين وثبوا على عثمان في أيسر من جحد التنزيل ورد النصوص، ولو كانوا يقولون ويصفون ما كان سبيل الأمة فيهما إلا كسبيلهم فيه وعثمان كان أعز نفرا وأشرف رهطا وأكثر عددا وثروة وأقوى عدة. قلنا: إنهما لم يجحدا التنزيل ولم ينكرا المنصوص ولكنهما بعد إقرارهما بحكم الميراث وما عليه الظاهر من الشريعة ادعيا رواية وتحدثا بحديث لم يكن محالا كونه ولا يمتنع في حجج العقول مجيئه وشهد لهما عليه من علته مثل علتهما فيه، ولعل بعضهم كان يرى التصديق للرجل إذا كان عدلا في رهطه مأمونا في ظاهره، ولم يكن قبل ذلك عرفه بفجرة، ولا جرب عليه غدرة، فيكون تصديقه له على جهة حسن الظن وتعديل الشاهد، ولأنه لم يكن كثير منهم يعرف حقائق الحجج والذي يقطع بشهادته على