الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا نورث، ما تركنا صدقة؟ قالا: نعم، إلى آخر الخبر، ثم حكى في جامع الأصول، عن البخاري ومسلم، أنه قال عمر لعلي (عليه السلام): قال أبو بكر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا نورث، ما تركناه صدقة، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، وتزعمان أنه فيها كذا كما نقلنا سابقا، وحكى في جامع الأصول، عن أبي داود، أنه قال أبو البختري:
سمعت حديثا من رجل فأعجبني، فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوبا مدبرا (1)، دخل العباس وعلي (عليه السلام) على عمر، وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمان وسعد وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمان وسعد: ألم تعلموا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كل مال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صدقة، إلا ما أطعمه أهله، أو كساهم، إنا لا نورث؟
قالوا: بلى (2).
توضيح: ولا يذهب على ذي فطنة أن شهادة الأربعة التي تضمنتها الرواية الأولى والثانية على اختلافهما، لم يكن من حيث الرواية والسماع عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل لثبوت الرواية عندهم بقول أبي بكر، بقرينة أن عمر ناشد عليا (عليه السلام) والعباس: أتعلمان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا نورث، ما تركناه صدقة؟ فقالا: نعم، وذلك لأنه لا يقدر أحد في ذلك الزمان على تكذيب تلك الرواية، وقد قال عمر في آخر الرواية: رأيتماه، يعني أبا بكر كاذبا آثما غادرا خائنا، وكذا في حق نفسه، والعجب أن القاضي لم يجعل عليا (عليه السلام) والعباس شاهدين على الرواية مع تصديقهما كما صدق الباقون، بل جميع الصحابة لأنهم يشهدون بصدقهما.
وقال ابن أبي الحديد بعد حكاية كلام السيد (رضي الله عنه) في أن الاستشهاد كان في خلافة عمر دون أبي بكر، وأن معول المخالفين على إمساك الأمة عن النكير على أبي بكر دون الاستشهاد ما هذا لفظه: قلت: صدق المرتضى فيما قال، أما عقيب وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومطالبة فاطمة (عليها السلام) بالإرث فلم يرو الخبر إلا أبا بكر وحده، وقيل: إنه رواه معه مالك بن أوس ابن الحدثان، وأما المهاجرون الذين ذكرهم قاضي القضاة فقد شهدوا بالخبر في خلافة عمر، وقد تقدم ذكر ذلك، وقال في الموضع المتقدم الذي أشار إليه،