في التركة أن فيها حقا، أليس كان يجب أن يصرفه عن الإرث؟ فعلمه بما قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع شهادة غيره أقوى، ولسنا نجعله مدعيا، لأنه لم يدع ذلك لنفسه وإنما بين أنه ليس بميراث، وأنه صدقة ولا يمتنع تخصيص القرآن بذلك كما يخص في العبد والقاتل وغيرهما.
ويرد عليه: أن الاعتماد في تخصيص الآيات، إما على سماع أبي بكر ذلك الخبر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويجب على الحاكم أن يحكم بعلمه، وإما على شهادة من زعموهم شهودا على الرواية، أو على مجموع الأمرين، أو على سماعه من حيث الرواية مع انضمام الباقين إليه، فإن كان الأول فيرد عليه بوجوه من الإيراد عليه:
الأول: ما ذكره السيد (رضي الله عنه) في " الشافي " من أن أبا بكر في حكم المدعي لنفسه والجار إليها نفعا في حكمه، لأن أبا بكر وسائر المسلمين سوى أهل البيت (عليه السلام) تحل لهم الصدقة، ويجوز أن يصيبوا منها، وهذه تهمة في الحكم والشهادة ثم قال (رضي الله عنه): وليس له أن يقول يقتضي أن لا تقبل شهادة شاهدين في تركة فيها صدقة بمثل ما ذكرتم، وذلك لأن الشاهدين إذا شهدا بالصدقة فحظهما منها كحظ صاحب الميراث، بل سائر المسلمين، وليس كذلك حال تركة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن كونها صدقة يحرمها على ورثته ، ويبيحها لسائر المسلمين، انتهى.
ولعل مراده (رحمهم الله) أن لحرمان الورثة في خصوص تلك المادة شواهد على التهمة بأن كان غرضهم إضعاف جانب أهل البيت (عليهم السلام)، لئلا يتمكنوا من المنازعة في الخلافة، ولا يميل الناس لنيل الزخارف الدنيوية، فيكثر أعوانهم وأنصارهم ويظفروا بإخراج الخلافة والإمارة من أيدي المتغلبين، إذ لا يشك أحد ممن نظر في أخبار العامة والخاصة، في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في ذلك الوقت طالبا للخلافة، مدعيا لاستحقاقه لها، وأنه لم يكن انصراف الأعيان والأشراف عنه، وميلهم إلى غيره إلا لعلمهم بأنه لا يفضل أحدا منهم على ضعفاء المسلمين، وأنه يسوى بينهم في العطاء والتقريب، ولم يكن انصراف سائر الناس عنه إلا لقلة ذات يده، وكون المال والجاه مع غيره.
والأولى أن يقال في الجواب: أنه لم تكن التهمة لأجل أن له حصة في التركة، بل لأنه