بعضها في أبواب الخمس والأنفال إن شاء الله تعالى، فإذا اطلعت على ما نقلناه من الأخبار من صحاحهم، نقول: لا ريب في دلالة الآية، على اختصاص ذي القربى بسهم خاص، سواء كان هو سدس الخمس كما ذهب إليه أبو العالية، وأصحابنا، ورووه عن أئمتنا عليهم السلام وهو الظاهر من الآية كما اعترف به البيضاوي وغيره، أو خمس الخمس لاتحاد سهم الله وسهم رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر الله للتعظيم كما زعم ابن عباس، وقتادة وعطا، أو ربع الخمس، والأرباع الثلاثة الباقية للثلاثة الأخيرة، كما زعمه الشافعي، وسواء كان المراد بذي القربى أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته، وبعده الإمام من أهل البيت كما ذهب إليه أكثر أصحابنا، أو جميع بني هاشم كما ذهب إليه بعضهم وعلى ما ذهب إليه الأكثر يكون دعوى فاطمة (عليها السلام) نيابة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) تقية أو كان المراد بني هاشم وبني المطلب كما زعمه الشافعي، أو آل علي، وعقيل وآل عباس، وولد الحارث بن عبد المطلب، كما قال أبو حنيفة. وعلى أي حال فلا ريب أيضا في أن الظاهر من الآية تساوي الستة في السهم، ولم يختلف الفقهاء في أن إطلاق الوصية والإقرار لجماعة معدودين يقتضي التسوية لتساوي السنة، ولم يشترط الله عز وجل في ذي القربى فقرا أو مسكنة بل قرنه بنفسه وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) للدلالة على عدم الإشتراط، وأما التقييد اجتهادا فمع بطلان الاجتهاد الغير المستند إلى حجة فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدفع التقييد لدلالة خبر جبير وغيره على أنه لم يعطيها ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعطيهم، وقد قال أبو بكر في رواية أنس: لكم الغنى الذي يغنيكم ويفضل عنكم، فما زعمه أبو بكر من عدم دلالة الآية على أن السهم مسلم لذي القربى ووجوب صرف الفاضل من السهم عن حاجتهم في مصالح المسلمين مخالف للآية والأخبار المتفق على صحتها، وقد قال سبحانه في آخر الآية: * (إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا) *، واعترف الفخر الرازي في تفسيره بأن من لم يحكم بهذه القسمة فقد خرج عن الإيمان، وقال تعالى: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *، وقال: هم الفاسقون، وقال: هم الظالمون، فاستحق بما صنع ما يستحقه الراد على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٤٦٥)