فمنهم الفاضل المعاصر أحمد زكي صفوت وكيل كلية دار العلوم جامعة القاهرة سابقا في " جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة " (ج 3 ص 340 ط المكتبة العلمية، بيروت) قال نقلا عن صبح الأعشى:
وفي سنة 201 ه جعل المأمون - وهو بخراسان - علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولي عهد المسلمين والخليفة من بعده وسماه الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتابا بخطه، وذلك أنه نظر في بني العباس وبني علي، فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أورع ولا أعلم منه، وأمر الناس بطرح السواد ولبس ثياب الخضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق.
وهذه نسخة عهده علي بن موسى:
هذا كتاب كبه عبد الله بن هارون الرشيد أمير المؤمنين بيده لعلي بن موسى بن جعفر ولي عهده.
أما بعد: فإن الله عز وجل اصطفى الاسلام دينا، واصطفى له من عباده رسلا دالين عليه، وهادين إليه، يبشر أولهم بآخرهم ويصدق تاليهم ماضيهم، حتى انتهت نبوة الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم، على فترة من الرسل، ودروس من العلم، وانقطاع من الوحي، واقتراب من الساعة، فختم الله به النبيين، وجعله شاهدا لهم ومهيمنا عليهم، وأنزل عليه كتابه العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) فأحل وحرم، ووعد وأوعد، وحذر وأنذر، وأمر ونهى، لتكون له الحجة البالغة على خلقه، و (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم) فبلغ عن الله رسالته، ودعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ثم بالجهاد والغلظة حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده صلى الله عليه.
فلما انقضت النبوة وختم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم الوحي والرسالة جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين بالخلافة وإتمامها وعزها والقيام بحق الله فيها،