بالطاعة التي تقام بها فرائض الله وحدوده، وشرائع الاسلام وسننه، ويجاهد بها عدوه ، فعلى خلفاء الله طاعته فيما استحفظهم واسترعاهم من دينه وعباده، وعلى المسلمين طاعة خلفائهم ومعاونتهم على إقامة حق الله وعدله، وأمن السبل، وحقن الدماء، و صلاح ذات البين وجمع الألفة، وفي إخلال ذلك اضطراب حبل المسلمين و اختلالهم، واختلاف ملتهم، وقهر دينهم، واستعلاء عدوهم، وتفرق الكلمة، وخسران الدنيا والآخرة. فحق على من استخلفه الله في أرضه وأتمنه على خلقه، أن يؤثر ما فيه رضا الله وطاعته، ويعدل فيما الله واقفه عليه، وسائله عنه، ويحكم بالحق يعمل بالعدل فيما حمله الله وقلده، فإن الله عز وجل يقول لنبيه داود عليه السلام:
(يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) وقال عز وجل: (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال: لو ضاعت سخلة بجانب الفرات لتخوفت أن يسألني الله عنها.
وأيم الله إن المسؤول عن خاصة نفسه، الموقوف على عمله، فيما بين الله وبينه، لمتعرض لأمر كبير، وعلى خطر عظيم، فكيف بالمسؤول عن رعاية الأمة؟ وبالله الثقة، وإليه المفزع والرغبة في التوفيق مع العصمة، والتسديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة، والفوز من الله بالرضوان والرحمة.
وأنظر الأئمة لنفسه، وأنصحهم في دينه وعباده وخلافته في أرضه من عمل بطاعة الله وكتابه وسنة نبيه عليه السلام في مدة أيامه، واجتهد وأجهد رأيه ونظره فيمن يوليه عهده، ويختاره لإمامة المسلمين ورعايتهم بعده، وينصبه علما لهم، ومفزعا في جمع ألفتهم، ولم شعثهم، وحقن دمائهم، والأمن بإذن الله من فرقتهم، وفساد ذات بينهم واختلافهم، ورفع نزغ الشيطان وكيده عنهم، فإن الله عز وجل جعل العهد بالخلافة من تمام أمر الاسلام وكماله وعزه وصلاح أهله، وألهم خلفاءه من توسيده لمن يختارونه له من بعدهم، ما عظمت به النعمة، وشملت منه العافية،