خليل الله. وهو الذي يذكر القرآن كيف نجا من النار (سورة الأنبياء الآية 69). ويعتبر الشيعة هذه القصة من معجزات الإمام. أما غيرهم ممن يقرأونها فيعتبرون أن عنصر الصدق في الحكاية قد يكون في أن دار الإمام احترقت مرة، فأطفأ النار برجله قبل أن تحدث ضررا.
أما عن شعور الخليفة المنصور نحو الإمام جعفر فيروى ابن خلكان أن المنصور استدعى رجاله البارزين إلى العراق. فاستعفاه جعفر وأراد البقاء في المدينة فلم يقبل، فاستأذنه أن يتأخر قليلا ريثما يدبر أموره، فرفض المنصور، فقال الإمام للمنصور: لقد سمعت أبي عن أبيه عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من خرج في طلب الرزق رزقه الله، ومن بقي مع عياله مد الله في أجله. قال المنصور: أسمعت ذلك حقا عن أبيك عن أبيه عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أشهد الله بذلك.
فعفاه المنصور من الذهاب إلى العراق، وسمح له بالبقاء في المدينة مع أهله.
وكان الإمام خائفا عندما أرسل إليه المنصور عقيب مقتل محمد بن عبد الله. فدعا:
ربي سهل لي حزونته، ولين لي طبعه، وأعطني الخير الذي أرجوه، ونجني من الشر الذي أخافه. ويظهر أن دعاءه قد استجيب لأنه حينما دخل على الخليفة قام وعانقه وخضب لحيته بالغالية ورده إلى بيته مكرما. ولما سئل عن ميله إلى محمد بن عبد الله تلا قوله تعالى (سورة الحشر الآية: 12): (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون). فقنع المنصور وقال: كفى بقولك شهيدا.
ومن الوصف الذي نقرأه عن إكرام جعفر الصادق ضيوفه في بستانه الجميل في المدينة، واستقباله الناس على اختلاف مذاهبهم، يظهر لنا أنه كانت له شبه مدرسة سقراطية. وقد ساهم عدد من تلامذته مساهمة عظمى في تقدم علمي الفقه والكلام.
وصار اثنان من تلامذته وهما أبو حنيفة ومالك بن أنس فيما بعد من أصحاب المذاهب الفقهية وأفتوا بالمدينة في أن اليمين الذي أعطى في بيعة المنصور لا يعتبر