المسجد، مسجد الكوفة، تسعمائة شيخ كان يقول: حدثني جعفر بن محمد، روى عنه الحديث أربعة آلاف راوية، كانوا يأخذون عنه الحديث كما يتلقى عن سيد الرسل صلى الله عليه وسلم لأنه ثقة روى عنه أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث، والأصول الأربعة المروية عنه وهي أسس كتب الحديث الأربعة عند الشيعة:
1) الكافي في أصول الدين للكليني.
2) من لا يحضره الفقيه للشيخ محمد بن بابويه المعروف بالصدوق.
3) التهذيب لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي.
4) الاستبصار لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي.
وقد تجاوزت منزلة جعفر الصادق أتباعه من الشيعة إلى أهل السنة إذ روى عنه أبو حنيفة وكان يراه أعلم الناس بأخلاق الناس وأوسع الفقهاء إحاطة، وكان يقول:
كانت تداخلني في حضرته من الهيبة ما لا تداخلني في المنصور نفسه.
واختلف إلى مجلسه مالك بن أنس وكان يصفه بأنه لا يخلو من إحدى ثلاث خصال إما صائما وإما قائما وإما ذاكرا.
وهو إمام المذهب الجعفري في الفقه الذي يعمل به الكثرة الكاثرة من الزيدية والإمامية الاثني عشرية المنبثين الآن في اليمن ولبنان والعراق والهند والباكستان، وهو إمام في أصول الدين كانت له جولات مع علماء الكلام وأصول الفقه وفتوحات فكرية زادت في انطلاقه الثقافة الاسلامية في عصره وأكسبته منزلة عظمي حتى شارك في إجلاله من اتهم بالزندقة مثل عبد الله بن المقفع إذ حكوا عنه أنه كان ينظر إلى الحجيج يطوفون وفيهم جعفر الصادق فقال: ما منهم من أحد أوجب له اسم الانسانية إذا ذلك الشيخ الجالس. ومثل ابن أبي العوجاء الذي قال فيه أيضا: ما هذا بشرا وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا.
أجل إن ما وهبه هذا الإمام من قوة التفكير وسعة المعرفة وهيمنة الشخصية خرجت به من دائرة الواقع إلى الأسطورة، أو التأليه إذ غالى فيه بعض أتباعه فنسبوا إليه