ابن محمد الذي اشتهر فيهم باسم جعفر الصادق.
ذلك أنه كان صافي النفس، واسع الأفق، مرهف الحس، متوقد الذهن، كبير القلب، يلتمس في غضبه الأعذار للآخرين، حاد البصيرة، ضاحك السن، مضئ القسمات، عذب الحديث، حلو المعشر، سباقا إلى الخير، برا طاهرا.
وكان صادق الوعد، وكان تقيا.
هو من العترة الطاهرة عترة رسول الله (ص).. جده لأمه هو أبو بكر الصديق وجده لأبيه هو الإمام علي بن أبي طالب، وهو نسب لم يجتمع لأحد غيره.
ولد في المدينة سنة 80 ه ومات فيها سنة 148 ه.
وخلال هذا العمر المديد أغنى الحياة والفكر بحسن السيرة، والعلم الغزير، وإشراقاته الروحية، واستنباطه العقلي.
وكان مع جلال هذا الحسب متواضعا لله، يلتقي في أعماقه علم الصاحبيين العظيمين وصلاحهما، وحسن بلائهما، وتراث تقواهما، ولا يزدهيه على الرغم من ذلك كبرياء من يجمع في نفس واحدة أطراف ذلك المجد كله، وتلك الروعة كلها.
وعى منذ طفولته نصيحة أبيه الإمام محمد الباقر " ما دخل في قلب امرئ شئ من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله ".
تعهده وهو صغير جده لأمه القاسم بن محمد بن أبي بكر بقدر ما تعهده جده لأبيه علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فإذا به وهو صبي يحفظ القرآن ويتقن تفسيره، ويحفظ الأحاديث والسنة من أوثق مصادرها عن آل البيت، تواترا عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعن الصديق رضي الله عنه وعن سائر الصحابة من رواة الأحاديث الصادقين.
وأتاح له توفر هذه المصادر جميعا أن يتقن دراسة الحديث وفهمه، وأن يكشف ما وضعه المزيفون تزلفا للحاكمين أو خدمة لهذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع السياسي.