راهب كلما مد يده إلى السماء ورفعها هطلت بالمطر ثم خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أول يوم فهطلت السماء بالمطر وسقوا سقيا شديدا حتى استعفوا فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشك وصفا بعضهم إلى دين النصرانية فشق ذلك على الخليفة، فأنفذ إلى صالح بن يوسف أن أخرج أبا محمد الحسن بن علي من السجن وائتني به، فلما حضر أبو محمد الحسن عند الخليفة قال له: أدرك أمة محمد فيما لحق بعضهم في هذه النازلة فقال أبو محمد: دعهم يخرجون غدا اليوم الثالث قال: قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فايدة خروجهم قال: لأزيل الشك عن الناس وما وقعوا فيه من هذه الورطة التي أفسدوا فيها عقولا ضعيفة، فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضا في اليوم الثالث على جاري عادتهم، وأن يخرجوا الناس فخرج النصارى وخرج لهم أبو محمد الحسن ومعه خلق كثير فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون إلا ذلك الراهب مد يديه رافعا لهما إلى السماء ورفعت النصارى والرهبان أيديهم على جاري عادتهم فغيمت السماء في الوقت ونزل المطر فأمر أبو محمد الحسن القبض على يد الراهب وأخذ ما فيها فإذا بين أصابعه عظم آدمي فأخذه أبو محمد الحسن ولفه في خرقة وقال استسق، فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس فعجب الناس من ذلك وقال الخليفة: ما هذا يا أبا محمد؟ فقال:
عظم نبي من أنبياء الله عز وجل ظفر به هؤلاء من بعض قبور الأنبياء وما كشف عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر، واستحسنوا ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال، فرجع أبو محمد الحسن إلى داره بسر من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة وقد سر الخليفة والمسلمون بذلك وكلم أبو محمد الحسن الخليفة في أخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن فأخرجهم وأطلقهم له وأقام أبو محمد الحسن بسر من رأى بمنزله معظما مكرما مبجلا وصارت صلات الخليفة وأنعامه تصل إليه في منزله إلى أن قضى، تغمده الله برحمته.