حين نكصت الأبطال وتساورت الأقران، واقتحمت الليوث واعتركت المنية وقامت رحاها على قطبها، وفرت عن نابها، وطار شرار الحرب فقتلنا رجالكم ومن النبي صلى الله عليه وآله على ذراريكم، وكنتم لعمري في هذا اليوم غير مانعين لما وراء ظهوركم من بني عبد المطلب ثم قال: وأما أنت يا مروان فما أنت والاكثار في قريش، وأنت ابن طليق وأبوك طريد تتقلب في خزاية إلى سوءة، وقد أتي بك إلى أمير المؤمنين يوم الجمل فلما رأيت الضرغام قد دميت براثنه واشتبكت أنيابه كنت كما قال الأول بصبصن ثم رمين بالأبعار.
فلما من عليك بالعفو وأرخى خناقك بعد ما ضاق عليك وغصصت بريقك لا تقعد منا مقعد أهل الشكر ولكن تساوينا وتجارينا، ونحن من لا يدركنا عار ولا يلحقنا خزاية، ثم التفت إلى زياد وقال: وما أنت يا زياد وقريش ما أعرف لك فيها أديما صحيحا ولا فرعا نابتا ولا قديما ثابتا ولا منبتا كريما، كانت أمك بغيا يتداولها رجالات قريش وفجار العرب، فلما ولدت لم تعرف لك العرب والدا ما دعاك هذا - يعني معاوية - فما لك والافتخار؟ تكفيك سمية ويكفينا رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي سيد المؤمنين الذي لم يرتد على عقبيه وعماي حمزة سيد الشهداء، وجعفر الطيار في الجنة، وأنا وأخي سيدا شباب أهل الجنة، ثم التفت إلى ابن عباس فقال: إنما هي بغات الطير انقض عليها البازي، فأراد ابن عباس أن يتكلم فأقسم عليه معاوية أن يكف فكف، ثم خرجا فقال معاوية: أجاد عمرو الكلام أولا لولا أن حجته دحضت، وقد تكلم مروان لولا أنه نكص، ثم التفت إلى زياد فقال: ما دعاك إلى محاورته ما كنت إلا كالحجل في كف عقاب، فقال: عمرو: أفلا رميت من ورائنا قال معاوية: إذا كنت شريككم أفاخر رجلا رسول الله صلى الله عليه وآله جده وهو سيد من مضى ومن بقي وأمه فاطمة سيدة نساء العالمين؟ ثم قال لهم:
والله لئن سمع أهل الشام ذلك أنه للسوءة السواء فقال عمرو: لقد أبقى عليك ولكنه