وزياد المدعى إلى أبي سفيان يتحاورون في قديمهم ومجدهم إذ قال معاوية: قد أكثرتم الفخر ولو حضركم الحسن بن علي وعبد الله بن عباس لقصروا من أعنتكم، فقال زياد: وكيف ذاك يا أمير المؤمنين وما يقومان لمروان بن الحكم في غرب منطقة ولا لنا في بواذخنا فابعث إليهما حتى نسمع كلامهما فقال معاوية لعمرو: ما تقول في هذا الليل فابعث إليهما في غد، فبعث معاوية بابنه يزيد إليهما فأتيا فدخلا عليه وبدأ معاوية فقال: إني أجلكما وأرفع قدركما عن المسامر بالليل ولا سيما أنت يا أبا محمد فإنك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسيد شباب أهل الجنة فشكر له: فلما استويا في مجلسهما علم عمرو أن الحدة ستقع به فقال: والله لا بد أن أتكلم فإن قهرت فسبيل ذلك وإن قهرت أكون قد ابتدأت، فقال يا حسن: إنا قد تفاوزنا فقلنا إن رجال بني أمية أصبر على اللقاء وأمضى في الوغاء وأوفى عهدا وأكرم خيما وأمنع لما وراء ظهورهم من بني عبد المطلب، ثم تكلم مروان بن الحكم، فقال: كيف لا يكون ذلك وقد قارعناهم فغلبناهم وحاربناهم فملكناهم فإن شئنا عفونا وإن شئنا بطشنا، ثم تكلم زياد فقال: ما ينبغي لهم أن ينكروا الفضل لأهله ويجحدوا الخير في مظانه، نحن الحملة في الحروب ولنا الفضل على سائر الناس قديما وحديثا، فتكلم الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: ليس من الحزم أن يصمت الرجل عند إيراد الحجة ولكن من الإفك أن ينطق الرجل بالخنا ويصور الكذب في صورة الحق يا عمرو افتخارا بالكذب وجرأة على الإفك، ما زلت أعرف مثالبك الخبيثة أبديها مرة بعد مرة أتذكر مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، فرسان الطراد، وحتوف الأقران، وأبناء الطعان، وربيع الضيفان، ومعدن العلم.
ومهبط النبوة، وزعمتم إنكم أحمى لما وراء ظهوركم، وقد تبين ذلك يوم بدر