وإن كان قاتل أبيه ويعادي عدوه وإن كان خاصته وأهليه.
وأخرج البخاري في باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان، حيث ذكر مقتل عمر " رض " والحديث طويل، وفيه: يا بن عباس انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة. قال: الصنع؟ قال: نعم. قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة. فقال: إن شئت قتلناهم. قال:
كذبت بعد أن تكلموا بلسانكم (أي أقروا بالشهادتين) وصلوا قبلتكم وحجوا حجتكم.. الحديث.
والظاهر من قوله " الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام " - بقرينة ما ستسمعه من رواية ابن قتيبة وابن عبد البر - إنه كان يخشى أن يكون قاتله مسلما فيغفر له بسبب إسلامه، فلما عرف أنه ممن لا يدعي الإسلام علم أن الله آخذ بحقه على كل حال، وفي هذا من الدلالة على حسن عواقب المسلمين ما لا تسعه عبارة.
ثم إذا نظرت إلى إنكاره على ابن عباس، وقوله له مع جلالته " كذبت " إلى آخر كلامه ذلك دلك على احترام أهل الشهادتين والصلاة والحج كيف كانوا.
وفي صفحة 26 من كتاب الإمامة والسياسة للإمام المجمع على فضله ابن قتيبة المتوفى سنة مائتين وسبعين: أن عمر لما أخبر أن قاتله غلام المغيرة قال:
الحمد لله الذي لم يقتلني رجل يحاجني بلا إله إلا الله يوم القيامة.
وروى الحافظ أبو عمرو يوسف بن عبد البر القرطبي في ترجمة عمر من الاستيعاب أنه قال لولده عبد الله. الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل يحاجني بلا إله إلا الله ا ه.